كلمه صباح الحلاق- ناشطة سورية في حقوق المرأة وعضوة مؤسسة في الرابطة السورية للمواطنة خلال الندوة رفيعة المستوى التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول أوضاع حقوق الإنسان في سوريا
السيدات والسادة في الجمعية العامة للأمم المتحدة
أتقدم بالشكر لمفوضية حقوق الإنسان ولكل من دعم وجودنا معكم لإيصال مطالب السوريات والسوريين لمجلسكم
بعد مرور ست سنوات على القرار٢٢٥٤ و ٢١ عاما على القرار ١٣٢٥ هل تم تحقيق بنودهم وما مدى الزاميتهم لجهة حكومات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة؟
أنا امرأة سورية أعمل بالشأن النسوي منذ أكثر من ثلاثين عاما وما شهدته منذ ٢٠١١ ليومنا هذا من انتهاكات للنساء والفتيات السوريات لا يمكن اختصاره ببضع كلمات والجميع يعلم أن أجساد النساء تستخدم كأداة حرب بين الأطراف المتصارعة ، فكيف الحال بنساء سوريا وهن محرومات اصلا من الحماية القانونية ضد جميع أشكال العنف بدءاً من العنف الأسري وصولا لعنف النظام والجماعات المسلحة ولا أستثني منهم أحدا.
ورغم أن الانتهاكات التي وقعت على النساء والرجال منذ بدء الثورة في آذار ٢٠١١ واستهداف الناشطين/ات المدنيين وما آلت إليه فيما بعد إلى نزاع مسلح ليست استثناء، إلا أننا نعتقد أنها تحمل طعماً مراً ولاذعاً، وهذا العنف له تجلياته العامة والخاصة، فرغم أن “حرب الاغتصابات هي سلاح يُستعمل في جميع الصراعات في العالم”، إلا أن امتداد هذه الجريمة إلى جرائم قتل النساء المغتصبات من قبل عوائلهن بحجة “حماية الشرف”، واعتبارها وصمة اجتماعية تلحق بالناجية من قبل أسرتها والمجتمع المحيط بها وتدفع ثمنها الناجيات ،مما يفرض آليات خاصة ومختلفة في التعامل معها وفقا للسياق السوري، خاصة مع وجود البيئة القانونية والسياسية والثقافية والاجتماعية التي تساهم في تكريس العنف ضد النساء المستند إلى الذهنية المجتمعية الذكورية ، وتشرعنه القوانين السورية من حيث الأساس.
السيدات والسادة
الجميع يعلم ما تعرضت له آلاف الناشطات للاعتقال وللتعذيب والمنع من السفر، ولم تسلم النساء اللواتي يعملن في تقديم الإغاثة من هذه الإجراءات العقابية. و تعرضت النساء إلى جميع أشكال العنف من، تزويج الصغيرات والتزويج القسري ، والاغتصاب والاتجار بهن وبيعهن في سوق النخاسة لدى داعش .
الوضع السوري اليوم هو أصعب من الناحية الاقتصادية والسياسية والانسانية نتيجة استمرار النزاع وانتشار الكورونا ومن المعروف أن النساء تدفع أثمانا أعلى من الرجال فهن الأكثر فقرا وهن المهمشات اقتصاديا و سياسيا واجتماعيا .
والسؤال ماهي القرارات التي اتخذت من قبل الأمم المتحدة لدعمهن وحمايتهن وخاصة داخل سوريا بالمناطق الجغرافية المختلفة ؟
اليوم، الملف السوري مجمد على مستوى المفاوضات وربما على مستوى العملية الدستورية وتعلمون جميعا أن هذا الملف ليس بيد السوريين/ات إنما بيد عدد من الدول الأعضاء في مجلسكم ، ماهو دوركم لايقاف آلام ونزيف السوريين/ات؟
السيدات والسادة
إن اللاجئين/ات السوريين عاشوا و يعيشون الآن ظروفا قاسية لها علاقة بسياسات الدول المضيفة تجاههم وخاصة في لبنان حيث تم إقرار الحكومة اللبنانية ” السياسة العامة لعودة النازحين إلى سوريا في ١٤ تموز ٢٠٢٠
ولا تتطرّق الورقة إلى عتبات الحماية. على الرغم من أنّها تُشير إلى إمكانيّة زيارة السّوريّين للبنان ما بعد عودتهم إلى سوريا، فإنَّهم بالواقع يتلقّون “حرمانًاً من الدخول إليه فور مغادرته. وتُحدّد الورقة أنَّ ٨٩٪ من السوريين يرغبون في العودة بحسب مفوضية اللاجئين ، لكنّها تغفل حقيقة أنَّ ٨٥-٨٨٪ من السوريين يعتبرون أنّ شروط العودة من ظروف سياسيّة وأمنيّة ، ليست مُستوفاة، على الرغم من رغبتهم في العودة. وحيث أنَّ هذه السّياسة تحثُّ اللاجئين على العودة، وتُشير إلى مبدأ عدم الإعادة القسريّة، فمن المهم أن نتذكّر أنّه بين ٢١ أيار ٢٨ آب ٢٠١٩، أُعيد قسرًا حوالي ٣٠٠٠ لاجئ إلى سوريا و ومنع من العودة ٣٠٠ ألف لاجئ إلى القلمون الغربي، والزبداني، والقُصير؟
والوضع اليوم في تأزم شديد نتيجة سياسات الإغلاق للحد من انتشار الكورونا وعلى النساء خاصة .
والسؤال هل يكفي التصريح من أغلب الدول في مجلسكم هذا بأن سوريا بلد غير آمن؟ أم يستدعي القيام بخطوات عملية لحماية اللاجئين من العودة القسرية والضغط على حكومات الدول الراعية لهذا الترحيل؟
أما ملف المعتقلين/ات والمفقودين/ات قسرا لدى جميع الأطراف وخاصة الحكومة السورية العضو في هذا المجلس والتي تتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الملف الانساني الأول الذي يجب أن لا ينتظر مسار المفاوضات ولا العملية الدستورية ولا أستانة
ما هي الحقائق التي تريدونها و لم يقدمها المجتمع المدني السوري والدولي وخاصة لجنة التحقيق الدولية وتقرير فقدت كرامتي الذي وثق آلاف الانتهاكات على السوريات ومن جميع الأطراف،وملف صور قيصر كي يتحرك ضمير العالم تجاه عشرات الآلاف من المعتقلين/ات مازال مصيرهم مجهولاً لأسرهم ولنا كمدافعات/ين عن حقوق الإنسان ؟
نحن نريد وهذا حقنا وليس نطالب أو نوصي فقط:
موقفا انسانيا حازما بغض النظر عن مواقفكم تجاه أطراف النزاع لتخفيف المآسي التي يعيشها السوريين/ات منذ أكثر من خمسين عاما وازدادت حدة وعنفا منذ ٢٠١١ ليومنا هذا،وهذا الموقف يجب أن ينتج عنه قرارات عملية ملزمة لإطلاق سراح جميع معتقلي/ات الرأي والكشف عن مصير المغيبين من كل الأطراف.
موقفا داعما وضاغطاً على الدول ذات التأثير على الملف السوري يتوافق وقرارات مجلس الأمن وخاصة٢٢٥٤ لإحياء العملية السياسية والدستورية.
نطالبكم بحماية اللاجئات واللاجئين في بلدان اللجوء وهي من مسؤولياتكم في ضمان عودتهم بكرامة وطواعية إلى سكناهن الأصلية وفق الاتفاقية الدولية للاجئين وضمان تعويض اللاجئات والنازحات المعيلات والفاقدات لأزواجهن وتأمين مساكن لهن وأطفالهن.
نطالبكم بضرورة الضغط على الجهات المتفاوضة وعلى الدول الداعمة للعملية السياسية السورية لضمان تطبيق برامج عدالة انتقالية حساسة للجندر، تسمح بتقديم مرتكبي العنف ضد النساء، خاصة العنف الجنسي، إلى المحاكم المختصة.
واخيراً، السوريون والسوريات على مختلف الجغرافيات السورية وفي بلدان اللجوء بحاجة لتحرك سريع من قبلكم للتخفيف من معاناتهن الاقتصادية والإنسانية وخاصة في زمن الكورونا اذ مازالت الحكومة السورية تعتقل الناشطين/ات لمجرد انتقادهم لسياسات الحكومة تجاه تدهور الوضع المعيشي والذي وصل ٨٣ ٪ من السوريين/ات إلى تحت خط الفقر، والوضع ضد الناشطين /ات وخاصة الاعلاميين في المناطق خارج سيطرة الحكومة من قوات قسد إلى الفصائل المسلحة والنصرة
إن دعمكم ومواقفكم العملية لا الخطابية هي السبيل الوحيد للسوريين/ات لاعادة الثقة بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة وكي يتمسكوا بالأمل في حياة لائقة بهم كبشر وانكم حقا تدافعون عن حقوق الإنسان فعليا وليس نظريا خلال العشر سنوات منذ بدء ثورتنا، ثورة شعب تطلع لحقوقه في الحرية والمساواة والتشاركية وتحمله المسؤولية في تنمية بلده نحو دولة المواطنة يعيش جميع أفرادها بكرامة.
شكرا لاصغائكم ونحن بانتظار خطواتكم العملية.