المكان: غرفة السيد الرئيس حين يتحول إلى رسام
الزمان: مساء اليوم
السيد الرئيس منهمك في رسم لوحة لا نراها. على الطاولة علب ألوان كثيرة، وعلبة شوكولا “نوتيلا”. بين الفينة والأخرى يتناول السيد الرئيس ملعقة من الـ”نوتيلا” لتعيد له شيئاً من الطاقة التي يحرقها في رسم اللوحة. أما “أنا” فيتحرك في الغرفة جيئة وذهاباً مفكراً.
.أنا: ما كان لازم تحكي عن العنتريات والبندريات
السيد الرئيس (يبتعد قليلاً عن اللوحة وينظر إليها نظرة مدقق): ليش؟ ما كانت مهضومة؟!
أنا: يمكن، بس حسيت بغصة
(يتناول السيد الرئيس ملعقة “نوتيلا”، ويعود للرسم)
السيد الرئيس: ليش؟
أنا: تذكرت وقت إسرائيل قصفتلنا رادار بضهر البيدر بالألفين وواحد
(يتوقف السيد الرئيس عن الرسم، ويحاول أن يتذكر)
السيد الرئيس: إيمتى هي؟
أنا: 16 نيسان الألفين وواحد
السيد الرئيس: (متفاجئاً) العمى!! ليش ما حدا خبرني؟!
أنا: مع إنو كتير انحكى فيها القصة
السيد الرئيس (يعود للرسم): بث قديمة هي، بالألفين وواحد يعني
أنا: ولّا كيف طلعنا من لبنان.. حتى الأميركان تفاجؤوا بسرعتنا
السيد الرئيس (وقد ارتسم السرور على وجهه): ههه، إيه والله، فاجأناهن مو؟ ههه، تاكل “نوتيلا”؟
أنا: عم قلك غاصص
السيد الرئيس: بس كمان قصة لبنان قديمة.
أنا: وضربة البحوث العلمية بِجْمرايا؟
السيد الرئيس (يعبس وهو يرسم): هيهي علينا، شو دخلنا بجمرايا؟ خلي جمرايا تدافع عن جمرايا
(يلتفت ويتخذ وضع من يلقي محاضرة)
السيد الرئيس: تقوم الثياثة الخارجية لثوريا على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة… هيك قلي وليد (وزير الخارجية).ج
(يتناول ملعقة “نوتيلا” ويعود للرسم)
أنا: جمرايا سيادة الرئيس جمرايا، هي شغلة قبال قصر الشعب
(يتوقف السيد الرئيس عن الرسم مندهشاً)
السيد الرئيس: بالله؟!!! وليد ما حكالي شي عنها (يعود للرسم) بس أكيد بكون محتفظ بحق الرد بشي محل
أنا: والكيماوي
السيد الرئيس: (يضرب فرشاة الرسم بالأرض غاضباً) شبو الكيماوي؟ بدك يانا نرجع نضرب كيماوي؟ لك . ارحموا هالشعب، حرام عليكن
(ويتجه بغضب إلى علبة الـ”نوتيلا” ملتهماً ست ملاعق متتالية)
أنا: كان فينا نبيعو مثلاً، نعملو منظفات . . شو بعرفني؟ بس مو حلوة يعني شي نكّش أوباما مناخيرو رحنا مسلمينو
(يعود السيد الرئيس للرسم)
أنا: شو عم ترسم؟
السيد الرئيس: بس خلّص بفرجيك
(صمت)
أنا: على كل مو قصة العنتريات والبندريات هي يلي مغصصتني
السيد الرئيس: لكن؟
أنا: لا تزعل مني، بس في جملة قلتها بالخطاب اليوم بعصتني . . حسيتها شخصية يعني، حسيت إنك مستقصدني فيها
(يتوقف السيد الرئيس عن الرسم)
السيد الرئيس (بتعاطف شديد): لّهْ . . مبعوص مني؟ ليش؟! شو الجملة؟
السيد الرئيس (يقدم الـ”نوتيلا” لـ”أنا”): خدلك لحسة
أنا: لا، صحة… وقت حكيت إنو البلد نضّفت حالها بحالها
(يُسند السيد الرئيس مؤخرته على الطاولة، ويبدأ بتناول الـ”نوتيلا” بهدوء)
السيد الرئيس: إيه، ليش حثيتها شخصية؟ شو دخلك إنت؟ أنا عم إحكي عن الإمّعات، عن المخطط الدولي، عن
أنا: إنت بتعرف إني من يلي هربو؟
(يرتفع حاجبا السيد الرئيس نافياً معرفته بأن “أنا” من الهاربين)
أنا: بعدين لا تدخلني بالمخططات، وسلمية ولا مسلحة، وآردوغان، وعصابة الكف الأسود. ولا تفكر إنّي عم حاكيك عن البلد وكذا، لأ… قلتلك هاد موضوع شخصي، أنا شخصياً انبعصت منك
السيد الرئيس: ليش؟
أنا: لأنو أنا، يلي اتهمتني بإني وسخة نضفت البلد منها، خَدَمِتْ بجيشك أربع سنين تقريباً، أربع سنين العالم ماشي، وأنا واقف بأرضي
…السيد الرئيس: بث
أنا (مقاطعاً): بهالأربع سنين وقفت حرس، صيفاً شتاءً، ليلاً نهاراً، مشان صورة سيادتك ما تنهز. وبردت، وجعت، ونمت عالأرض. بنتي ضليت سنة كاملة مو شايفها، منشان شوف صورة سيادتك
…السيد الرئيس: بث
أنا (مقاطعاً): أربع سنين؛ سنتين منهن بلا إجازات، بلا طموح، غير رضا سيادتك. نكش أوباما مناخيرو، فاستنفرنا، واستنفرت أنا مع المستنفرين، مو لشي، بس لأنو الهاون أهون من التوماهوك. أنا يلي ما قوصت رصاصة بحياتي، على فكرة حتى وقت الرمي بدورة الأغرار عملت إستعصاء، مع ذلك شِلْت هالكلاشنيكوف، وقلت لحالي على الأقل بيكون واقف بوش الإمبريالية العالمية. فشرت أميركا، وفشرت إسرائيل، ما بيفوتوا غير على جثتي… وهاد يلي كان حيصير ترى، على جثتي. وبالأخير بكل بساطة حبستوني لأني التقيت بصحفية أجنبية.
…السيد الرئيس: بث
أنا (مقاطعاً): حاجة تبثبث ولو. لك كفرتوني بسوريا، وبالوطن، وبالأخ المواطن، وبدمع لا يكفكف يا دمشق.. !وجاي تقول عني أنا وَسَخَة؟
(يجلس أنا متعباً وحزيناً)
السيد الرئيس: بث أنا مو حاثث غير إنك عملت واجبك
(صمت)
أنا: إنت مو حاثث بشي
(صمت)
السيد الرئيس: تاكل “نوتيلا”؟
أنا (وقد اتضح له ألا جدوى من الحديث): شو كنت عم ترسم؟
السيد الرئيس (يضع الـ”نوتيلا” على الطاولة، ويركض بسرور الأطفال ليحمل اللوحة التي رسمها): كنت عم أرثم ثوريا، شوف
(يحمل السيد الرئيس لوحته بحيث يراها “أنا” وباقي الجمهور)
أنا: سوريا ما بتلبس نضارة ريبّان.