ك / July 24, 2014

ماذا عن الغوطة الشرقية؟


أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سماحه بدخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى المناطق الثائرة عبر المعابر الحدودية دون الحاجة إلى موافقة الحكومة السورية. قد يكون هذا خبراً جيداً بالنسبة للمناطق الحدودية السورية الأربعة، ولكن الخبر قد لا يكون مثيراً لنفس التفاؤل في مناطق أخرى، كالغوطة الشرقية التي مازال يعيش فيها ما ينوف عن السبعمائة ألف مدني تحت الحصار. وعلى الرغم مما قاله سفير الأمم المتحدة في اللوكسمبورغ  “لن تكون موافقة السلطات السورية ضرورية بعد اليوم”، لكن الواقع يقول بأنه لا مفر من الحصول على موافقة الحكومة السورية إن كانت الأمم المتحدة راغبة في الدخول إلى المناطق المحاصرة كالغوطة الشرقية. والاضطرار للحصول على مثل هذه الموافقة يعني بأن الأمم المتحدة قد يسمح لها بالدخول أو قد تمنع عن ذلك.بالإضافة إلى التساؤلات العديدة التي تثار حول قدرة الأمم المتحدة ومسؤوليتها في إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

يقول أبو العز، المدير التنفيذي لمكتب الإغاثة الموحد بالغوطة الشرقية أن قوافل الأمم المتحدة لم تتمكن خلال المرات الثلاثة الماضية من إدخال أكثر من أربعة آلاف سلة غذائية، بينما يعيش في الغوطة الشرقية، التي تمتد على مساحة أربعمائة كيلومتر، حوالي المائة ألف عائلة ممن ينتظرون مثل هذه المساعدات. ويقول أبو آدم، مسؤول العلاقات العامة في مكتب الإغاثة الموحد بالغوطة، بأن الأمم المتحدة لم تذكر في تقاريرها الأخيرة سوى مدينة دوما من بين الإثنين وستين مدينة وبلدة في  الغوطة الشرقية، وكأنها الوحيدة في المنطقة. مما يعني،  وفق رأي أبو آدم، تهميش كافة المناطق الأخرى، وتجاهل الأرقام الفعلية للمدنيين الواقعين تحت الحصار وحجم احتياجاتهم الإنسانية.

تمكنت الأمم المتحدة بعد القرار الأخير من الدخول إلى معضمية الشام في الغوطة الغربية بموافقة من السلطات السورية.، هذه المنطقة التي أقامت  اتفاقية صلح  مع السلطات السورية منذ مدة. وعلى الرغم من هذا التصالح، لم تسمح السلطات السورية بإدخال أي أدوية إليها، مما يزيد من قلق أطباء الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها القوات المعارضة، خاصة مع انتشار الأوبئة والأمراض السارية فيها، كمرض السل والتهاب الكبد والتيفوئيد.

عبر الدكتور ماجد، المسؤول عن العلاقات العاملة في المكتب الطبي الموحد للغوطة الشرقية، عن قلقه الشديد خاصة أن الدخول الأخير لقافلة الأمم المتحدة قد أوصل إليهم مجموعة من المواد الغذائية عالية التركيز لعلاج نقص التغذية، والتي تنتهي مدة صلاحيتها بعد ثلاثة أيام فقط من دخولها إلى الغوطة الشرقية. “كنا بحاجة إلى ثلاثة أيام لعد العبوات وتحديد الحالات الأشد خطورة لوضع خطة توزيع هذه المواد”. واستطرد د. ماجد “لم يشرح أحد لنا سبب ذلك، ولكنني آمل ألا يتكرر هذا الأمر في المرات القادمة” وقد شرح د. ماجد أيضاً بأنه لم يتم إدخال أي أدوية عدا أدوية الأطفال، وحتى تلك الأدوية لم تكن كافية لسد احتياجات الأطفال الطبية في المنطقة. أما اليوم، فقد اصبح هم أطباء الغوطة الشرقية الشاغل هو الحصول على وسائل لتشخيص وعلاج الأوبئة والأمراض السارية، على حد تعبير د. ماجد“نتمكن بشكل شهري من الكشف عن ستين إصابة بمرض السل،  ولكننا غير قادرين على تحديد عدد مرضى السل أو مرض الكبد الفعلي بسبب نقص الأدوات التشخيصية اللازمة لكشف هذه الأمراض. وعادة ما نكتشف المرض في مراحله المتقدمة، مما يجعل علاجه أمراً شبه مستحيل. عدا عن أنه من غير الممكن علاج مرض كمرض السل بالصادات الحيوية المعتادة، يحتاج المرض إلى صادات خاصة يتعذر علينا الحصول عليها”

لا يبدو من الواضح ما إذا كانت منظمات الإغاثة الدولية تقوم بتجاهل الغوطة الشرقية عن قصد أم لا، ولكن حتى تلك المنظمات التي تتجرأ على دعمها، ينحصر دورها بإرسال النقود للمنظمات المحلية المختصة. وبينما قد تتمكن هذه النقود من تغطية نفقات تهريب بعض الأطعمة والمحروقات، تظل الأدوية رفاهية غير ممكنة. يحاول أطباء الغوطة الشرقية، بمصادرهم المحدودة، تركيب أدوية محلية بديلة علها تتمكن من علاج مرضاهم، وقد يكون دخول قوافل الأمم المتحدة فرصتهم الوحيدة للحصول على الدعم الطبي االمطلوب  لإنقاذ المرضى من براثن الموت.